نام کتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل نویسنده : البيضاوي، ناصر الدين جلد : 2 صفحه : 42
الكون لأنه يطلب من نفسه أن يكون لمن يخضع له، وهذا تعريض بما أصابهم عند الإِرجاف بقتله عليه الصلاة والسلام. وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ فينصرهم ويعظم قدرهم.
[سورة آل عمران (3) : الآيات 147 الى 148]
وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (147) فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)
وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ أي وما كان قولهم مع ثباتهم وقوتهم في الدين وكونهم ربانيين إلا هذا القول، وهو إضافة الذنوب والإِسراف إلى أنفسهم هضماً لها وإضافة لما أصابهم إلى سوء أعمالهم والاستغفار عنها، ثم طلب التثبيت في مواطن الحرب والنصر على العدو ليكون عن خضوع وطهارة، فيكون أقرب إلى الإجابة، وإنما جعل قولهم خبرا لأن أن قالوا أعرف لدلالته على جهة النسبة وزمان الحدث.
فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فأتاهم الله بسبب الاستغفار واللجأ إلى الله النصر والغنيمة والعز وحسن الذكر في الدنيا، والجنة والنعيم في الآخرة، وخص ثوابها بالحسن إشعاراً بفضله وأنه المعتد به عند الله.
[سورة آل عمران (3) : الآيات 149 الى 150]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ أي إلى الكفر عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة: ارجعوا إلى دينكم وإخوانكم ولو كان محمد نبياً لما قتل.
وقيل أن تستكينوا لأبي سفيان وأشياعه وتستأمنوهم يردوكم إلى دينهم. وقيل عام في مطاوعة الكفرة والنزول على حكمهم فإنه يستجر إلى موافقتهم.
بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ ناصركم. وقرئ بالنصب على تقدير بل أطيعوا الله مولاكم. وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ فاستغنوا به عن ولاية غيره ونصره.
[سورة آل عمران (3) : آية 151]
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ يريد ما قذف في قلوبهم من الخوف يوم أحد حتى تركوا القتال ورجعوا من غير سبب، ونادى أبو سفيان يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت
فقال عليه الصلاة والسلام: «إن شاء الله»
. وقيل لما رجعوا وكانوا ببعض الطريق ندموا وعزموا أن يعودوا عليهم ليستأصلوهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم. وقرأ ابن عامر والكسائي ويعقوب بالضم على الأصل في كل القرآن بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ بسبب إشراكهم به. مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً أي آلهة ليس على إشراكها حجة ولم ينزل عليهم به سلطاناً وهو كقوله:
وَلاَ تَرَى الضُّبَّ بِهَا يَنْجَحرُ وأصل السلطنة القوة ومنه السليط لقوة اشتعاله والسلاطة لحدة اللسان. وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ أي مثواهم، فوضع الظاهر موضع المضمر للتغليظ والتعليل.